يمنات
من سخريات الاقدار ومكر التاريخ باليمن ،ان كل هذه الحروب والبحار من الدماء التي سالت، والطاقات التي استنزفت ودمرت وشجاعات الرجال اليمنيين الابطال اللذين استهلكتهم الجبهات بهذه الحرب اللعينة القذرة ،التابعين لطرفي الصراع ،وكل هذا الجوع والبؤس والجحيم والعذابات الجمعية التي يعيشها عشرين مليون يمني منذ ما يقارب تسع سنوات ،كلها مع الاسف، ليست من اجل التحرر والاستقلال ،ولا من اجل الحرية والكرامة والتقدم ،وسيطرة شعبنا علي مقدراته وثرواته الضخمة المنهوبة ،ليست حرب تشبه حرب الشعب الفتنامي او الصيني ،ضد الاستعمار ومن اجل التحرر والاستقلال وتقرير المصير.
وانما حروب وتضحيات كبيرة جدا جدا ،من اجل ان تطبق بريطانيا مشروعها. التمزيقي التقسيمي اللعين باليمن ،واللذي فشلت بتطبيقه بالقرن المنصرم بالجنوب والشمال ،عندما افشله الرجال العظام الاحرار اليمنيين ،ثوار ومناضلي سبتمبر بالشمال ،وثوار ومناضلي وابطال ثورة اكتوبر بالجنوب..
فشلت بريطانيا حينها بفعل وعي الشعوب حينها ،وبفعل الظروف الدولية والاقليمية والمحلية ،كان العالم مختلف عن عالم اليوم ،عصر وحقبة ثورية تحررية تقدمية ،حركات عمالية عالمية تحمل تراث عظيم من الافكار اليسارية الثورية التحررية التقدمية ،واحزاب وحركات ثورية ،سوفيتات وصين شيوعية بالشرق الاقصى ،وحركات تحرر واستقلال وطني بجنوب الكرة الارضية ،ودولة رفاه وتكافل اجتماعي بشمال المعمورة ،وبفعل المد الثوري الشيوعي العالمي ،وعبدالناصر ومشروعه القومي التحرري الثوري بالشرق الاوسط ،وكاسترو وجيفارا بأمريكا اللاتينية ،القرن الماضي كان قرن ثوري تقدمي افرز قادة ثوريين عظام ،ارعبوا الامبريالية وقوضوا مضاجع بريطانيا العظمى..
اما اليوم فالملعب مهيا لبريطانيا وامريكا والاستعمار الجديد اكثر من اي وقت مضى ،ينفذوا خططهم ويرسموا خرائطهم بأدوات محلية طائفية عصبوية تافهة مرتهنة عميلة خائنة ،ويخوضوا بأدواتهم حروب دامية لتنفيذ المخططات الاستعمارية وبنفس الخرائط المرسومة لهم بالقلم والمنقلة..
هنا باليمن سيفشل مشروع السته اقاليم حتما ، والشمال حاليا تحت سيطرة الحوثي ، تبقت محافظة مأرب وجزء من تعز ، ستسلم له بعد ان تستنزف كل فوائض القيمة الخليجية المودعة ببنوك امريكا و اوروبا، بعد ان يقرروا انهاء حرب اليمن بعد ثلاث سنوات من اليوم..
اما الجنوب فيسلم لبريطانيا ومجلسها الانتقالي ،وسيعود لوضعه قبل ثورة اكتوبر ،محميات وامارات وسلطنات متصارعة تنهب ثرواتها من قبل الاستعمار.
وبذلك تعود اليمن لوضعها بعد هزيمة الدولة العثمانية بالحرب العالمية الاولى ،امامة زيدية رجعية بالشمال ،واستعمار واحتلال بالجنوب .
وبعد ان يتغير العالم وتأتي ثورات عالمية وتظهر امبراطوريات جديدة ، بعد عقود عديدة ،سيثور اليمن علي الامامة بالشمال ،والاستعمار بالجنوب. .
اما اليوم ولعقود قادمة ستشهد اليمن وشعبها ،استمرار فترة الضياع والتيه والتمزق والتشظي والاحتراب والبؤس والاستغلال والصراعات البينية العبثية وسيادة الرجعية والقوى الظلامية. ،واستمرار خطاب الكراهية والحركات الثقافوية العنصرية الطائفية ،وتصدر التافهين الاوغاد الصغار للمشهد شمالا وجنوبا ..هكذا ارى المشهد بوضوح وجلاء ،والايام والسنون القادمة كفيلة بأثبات او دحض هذا التكهن.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.